04 April 2018 | Country: Beirut,Lebanon

ملتقى مجموعة مدراء الإلتزام ومكافحة غسل الأموال في المؤسسات المالية والمصرفية العربية يدّ واحدة لمواجهة تحديات مصارفنا العربية

كلمــــة
الدكتور جوزف طربيه
رئيس الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب
رئيس اللجنة التنفيذية لإتحاد المصارف العربية

فــــي
ملتقى مجموعة مدراء الإلتزام ومكافحة غسل الأموال
في المؤسسات المالية والمصرفية العربية



"يدّ واحدة لمواجهة تحديات مصارفنا العربية"


بيروت – فندق فينيسيا
4- 5 أبريل/نيسان 2018
 

معالي الأستاذ نهاد المشنوق، وزير الداخلية والبلديات
أصحاب المعالي والسعادة والسيادة
أيها الحضور الكريم،

يُسعدني بداية أن أتقدّم بجزيل الشكر والتقدير لمعالي وزير الداخلية والبلديات – الأستاذ نهاد المشنوق لرعايته ملتقى "مجموعة مدراء الإلتزام ومكافحة غسل الأموال في المؤسسات المالية والمصرفية العربية"، ولحرصه على مشاركتنا إفتتاح فعاليته رغم إنشغالاته الكثيرة في هذه الفترة.

ويُسعدني أن أرحّب بأصحاب السعادة والسيادة، والسادة مدراء الإلتزام ومكافحة غسل الأموال، وإلى ضيوفنا الأعزاء من الدول العربية الشقيقة الذين نرحّب بهم كل الترحيب في بلدهم الثاني لبنان.

لقد  إخترنا للقائنا اليوم أن يكون تحت عنوان "يدّ واحدة لمواجهة تحديّات مصارفنا العربية"، إنطلاقاً من أنّ القطاع المصرفي هو العصب الأساسي للحياة الإقتصادية والمالية لبلداننا العربية، وأنّ مسألة مكافحة غسل الأموال، وآليّات تجفيف منابع الإرهاب، والتهرّب الضريبي أصبحت الشغل الشاغل للمنظمات الرقابية الدولية والحكومية، وأصبحت العقوبات اليدّ الحديدية التي تلقي بثقلها على المصارف، وهي بمثابة رسالة واضحة وحازمة للقطاع المصرفي بضرورة عدم التراخي في المراقبة الذاتية التي يقوم بها، وبتطبيقه للمعايير والقوانين الدولية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وهذا يتطلّب منا جميعاً أن نبذل كل الجهود الآيلة إلى حماية وسلامة نظامنا المالي، والحفاظ على نزاهته وكفاءته.

السيدات والسادة،
أصبحت مكافحة غسل الأموال وتمويل الارهاب من المسائل الهامة والمتشابكة. فمرتكبو الجريمة يسخّرون كل طاقاتهم للتمكن من الولوج إلى النظام المصرفي للدول، بحيث أصبحت النظم المصرفية أحد أهم ساحات الحرب على غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

ونظراً للطبيعة الدولية لجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، كان لابد من تضافر الجهود العالمية في سبيل مكافحتها، ولذلك تم تشكيل مجموعة العمل المالي المعروفة بإسم "FATF"، والتي عملت على إصدار أربعين "توصية"، رسمت الخطوط العريضة للإجراءات الفاعلة والممارسات الأفضل الواجب تطبيقها في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الارهاب. وأوجبت  FATF على الدول تبني هذه الاجراءات وإلا وُضعت على لائحة الدول غير المتعاونة.  وهذا الأمر يؤثر على سمعتها وعلى نظامها المصرفي والمالي وقد يخضعها لعقوبات قاسية.

وتشكل هذه التوصيات خطة عمل شاملة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الارهاب في جميع أنحاء العالم، كما ويتم مراجعتها بإستمرار بحيث تأخذ في الاعتبار التغييرات والتطورات في مجال غسل الأموال وتمويل الارهاب.

السيدات والسادة،
وبالتوازي مع الجهود الدولية لمكافحة ظاهرة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، أصدرت لجنة بازل للرقابة على المصارف مبادئ توجيهية حول كيفة قيام المصارف بإدراج مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب ضمن الإدارة الشاملة للمخاطر. ففي سبتمبر/أيلول 2012 أصدرت اللجنة وثيقة أطلقت عليها تسمية "المبادئ الأساسية لرقابة مصرفية فعّالة"، تضمنت معايير أساسية لمنع استخدام القطاع المالي في نشاطات إجرامية. ومن ثم أصدرت اللجنة في يناير/كانون الثاني 2014 وثيقة ركزت بشكل حصري على موضوع غسل الأموال وتمويل الارهاب، تضمنت مبادئ متخصصة بكيفية تعامل المصارف مع مخاطر غسل الأموال وتمويل الارهاب. وأشارت الورقة إلى أن عدم كفاية، أو عدم وجود إدارة سليمة لمخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب يعرّض المصارف لمخاطر جسيمة، مثل مخاطر السمعة، ومخاطر الامتثال، ومخاطر تشغيلية أخرى.


ووفقاً للمبادئ الصادرة عن لجنة بازل، ينبغي على جميع المصارف أن يكون لديها سياسات وعمليات كافية  (Adequate)، وقواعد إحترازية صارمة   (due diligence) حول العملاء لتعزيز المعايير الأخلاقية والمهنية في القطاع المصرفي ومنع أي مصرف من أن يُستخدم في أية أنشطة غير مشروعة.

السيدات والسادة،

إن المؤسسات المالية بشكل عام، والمصارف بشكل خاص، هي الأكثر استهدافاً لمرتكبي الجرائم المالية، وعلى رأسهم غاسلي الأموال، الذين يسعون دوماً وبشكل حثيث إلى إجراء سلسلة من العمليات المصرفية البسيطة أو المركّبة، بهدف إخفاء مصدر المال القذر، ودمجه بالمال النظيف المشروع، لإعطائه صفة المشروعية. مع الإشارة إلى أن الخدمات والمنتجات المصرفية التي تتطور وتتشعب وتتعقد بإستمرار، قد تتيح المزيد من الفرص لمرتكبي الجرائم المالية والجريمة المنظمة والاعمال المالية غير المشروعة الذين يسخّرون كل طاقاتهم للتمكن من الولوج إلى النظم المصرفية للدول.

ولكن في المقابل، فكما أن المصارف هي الأكثر استهدافاً لتنفيذ الجرائم المالية وغسل الأموال، فهي في الوقت نفسه الوسيلة والأداة الرئيسية، وخط الدفاع الأول لمكافحة هذه الجرائم، شرط أن تمتلك المصارف الموارد والخبرة والمعرفة الكافية والعميقة بالآليات والقنوات والسبل التي يمكن إستغلالها        أو يمكن أن تُتيح تنفيذ عمليات غسل الأموال.

وكذلك إدراك أن هذه الآليات والقنوات ليست بسيطة وثابتة، بل متغيرة ومتطورة ومعقدة في الغالب، يبتكرها ويطورها مجرمون ذوو خبرة ومعرفة مالية ومصرفية عالية. لذلك يحتاج كشفها ومكافحتها إلى خبرات بالمستوى نفسه أو أفضل، وهذا ما نسعى إليه في إتحاد المصارف العربية والإتحاد الدولي للمصرفيين العرب من خلال مؤتمراتنا وملتقياتنا ومن خلال مجموعة مدراء الإلتزام ومكافحة غسل الأموال في الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب.


وأودّ هنا أن أشير إلى التعاون الدائم والهام بين إتحاد المصارف العربية ومجلس وزراء الداخلية العرب، في إطار مذكرة التفاهم الموقّعة بين الطرفين حول مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والجرائم الإلكترونية، حيث إتّخذ مجلس وزراء الداخلية العرب في إجتماعه بتاريخ 7 آذار/مارس 2018، قراراً بناء لتوصيات المؤتمر العربي الـ 16 لرؤساء أجهزة المباحث والأدلّة الجنائية، بتكليف إتحاد المصارف العربية بالعمل على إصدار نشرات دورية بما يُستجد من جرائم إلكترونية تستهدف القطاع المصرفي والتعاملات المالية الإلكترونية، والتعامل بالبطاقات الإئتمانية، بهدف توعية عملائها، وإلى تحديث أنظمة الحماية العاملة لديها، وسدّ أي ثغرات قد تُستغل لإختراق هذه الأنظمة والإضرار بهذه المؤسسات وعملائها.

وبناء على طلب مجلس وزراء الداخلية العرب، بدأ إتحاد المصارف العربية بالتعاون مع الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب بتعميم هذه الدعوة على المصارف العربية، والطلب إليها إصدار نشرات دورية تتضمّن المستجدات الحاصلة حول الجرائم الإلكترونية، ومستجدات التعامل بالبطاقات الإلكترونية، والإجراءات المتّخذة حول تحديث وتطوير أنظمة الحماية العاملة لديها لإرسالها إلى الأمانة العامة للإتحاد، حيث سيتم تجميع كافة المستجدات المتعلّقة بالمصارف وتبويبها ونشرها كل ثلاثة أشهر عبر موقع إتحاد المصارف العربية، والنشرة الإخبارية الإلكترونية اليومية، وعلى صفحات مجلة إتحاد المصارف العربية، حيث سنبدأ بنشر هذه المعلومات بدءاً من شهر حزيران/يونيو القادم.

أيّها الحضور الكريم،

على الرغم من إدراك مؤسساتنا المصرفية وغير المصرفية العربية لخطورة الجرائم المالية، فهي لا تعطي الإهتمام الكافي لجميع تلك الجرائم. ولكي أكون أكثر تحديداً، أشير إلى الإستبيان الذي أجرته Thomson Reuters على حوالي 160 موظفاً في قطاع الامتثال في شركات عاملة في المنطقة العربية، والذي صدرت نتائجه عام 2015. وقد أظهر الإستبيان أن 83% من المستطلَعين لديهم سياسات لمكافحة تبييض او غسل الأموال، مقابل 73% لديهم سياسات لمكافحة الاختلاس الداخلي أو الخارجي، و63% لديهم سياسات لمكافحة تمويل الإرهاب، و56% لديهم سياسات لمكافحة الرشوة والفساد، و33% فقط لديهم سياسات لمكافحة الجرائم الالكترونية.


مع الإشارة إلى أن 85% من المستطلَعين أعلنوا أن نشاطات مكافحة الجرائم والامتثال في مؤسساتهم قد زادت خلال السنتين السابقتين للاستطلاع، و88% أعلنوا أن مؤسساتهم سوف تزيد نشاطات مكافحة الجريمة المالية والامتثال خلال السنتين المقبلتين، وهو ما يدل على السعي الجدي إلى حماية المؤسسات في منطقتنا من الجرائم المالية.

السيدات والسادة،

يستوجب التطبيق الفعّال لقوانين مكافحة الجرائم المالية الاعتماد على مختلف الخبرات والكفاءات التي تتوفر لدى كافة القطاعات المعنية بهذا الأمر، ويستلزم الاستثمار في البنية التحتية التكنولوجية وتأهيل الموارد البشرية العاملة في مكافحة هذه الآفة، وكذلك إعداد وتنفيذ مستمر لبرامج تدريبية لتأهيل الأشخاص الذين أسند لهم القانون مهمة مكافحة أو مراقبة الأنشطة المالية وتحركات الأموال المشبوهة، والإبلاغ عنها، كموظفي المصارف والمؤسسات المالية والجهات القضائية والقانونية.

أيّها الحضور الكريم،

أجدّد شكري وتقديري لمعالي الأستاذ نهاد المشنوق لتشريفنا برعايته وحضوره، وأشكر حرصكم على مشاركتنا في هذا اللقاء الذي نتمنى له بجهودكم وخبراتكم أنّ يُحقق الأهداف المرجوة منه.

 وشـكراً لإصغائكـم،

Cookie Policy

We use cookies to store information about how you use our website and show you more things we think you’ll like. Also we use non-essential cookies to help us improve our digital services. Any data collected is anonymised. By continuing to use this site, you agree to our use of cookies. If you'd like to learn more, please head to our cookie policy. page.
Accept and Close