Source: Al Safir | 21 September 2011 | Country: Lebanon

Interview by Assafir

رئيس جمعية مصارف لبنان جوزيف طربيه
المطلوب من الحكومة أشياء كثيرة.. والشعب هو الذي يضغط كي تقوم بالإصلاحات
الصدار الأخير لسندات اليوروبوند جاء مخالفا للأجواء التشاؤمية


قال رئيس جمعية مصارف لبنان رئيس مجلس إدارة – المدير العام لبنك الاعتماد اللبناني جوزيف طربيه "ما حصل في لبنان بعد خفض شركات التصنيف توقعاتها لبعض المصارف اللبنانية العاملة في الخارج، أن نتائج الإصدار الذي أجرته وزارة المال اللبنانية بالنسبة لسوق بيروت، جاء معاكساً تماماً للاتجاه التشاؤمي الذي نشرته مؤسسات التصنيف بالنسبة لوضع المصارف اللبنانية المعنية. إذ استطاعت دولة لبنان بالرغم من كل الظروف المعروفة التي تواجه الحكومة، استطاعت أن تحقق اكتتابات بالسندات الدولية بالدولار الأميركي بأسعار قياسية بالنسبة لانخفاضها وبإقبال شديد فاق كل التوقعات الايجابية".

وفي ما يلي نص الحوار مع "السفير":

المخاطر الناتجة من أزمة الديون

* بادئ ذي بدء، لا بد من السؤال عن المخاطر الناتجة من انعكاس أزمة الديون الأميركية والتطورات المتلاحقة في المنطقة العربية على القطاع المصرفي اللبناني؟

يعيش العالم عصراً جديداً حيث تتداخل السياسات الدولية إن كان على الصعيد المالي  والاقتصادي، أو على الصعيد الاستراتيجي والتحالفات، حيث تنعكس الاداء في بلد او قارة ما على العالم بأجمعه. وهو يصح في الموضوع السياسي كما يصح في الموضوع المالي، وليس من المستغرب أن نرى الأزمات المالية التي تصيب بعض الأقطار ان يجري تصديرها إلى أقطار أخرى، أو إلى الكرة الأرضية بكاملها، نحن أمام عولمة جديدة لا تتناول فقط الأسواق إنما تتناول أيضاً المخاطر. وبالطبع ان المخاطر العالمية التي تواجهها مختلف الاقتصادات تترك أثارها على الأسواق كافة، ومنها الأسواق العربية والسوق اللبنانية، لأننا نعيش عصر الاقتصادات المنفتحة، وهذا الانفتاح له منافعه وله مخاطره. الأزمة العالمية الأخيرة التي نشأت عن تردد الولايات المتحدة في موضوع المحافظة على السمعة المالية المتعلقة بتسديد مديونيتها خلق ظاهرة جديدة في السياسات الدولية، اذا أن اكبر دولة مقترضة في العالم أظهرت تردداً كبيراً في موضوع يتناول مناعتها المالية، بالتالي سمعتها الائتمانية. وهو ما شكل سابقة خطيرة لا يمكن ان يقارن مدلولها بما يحصل في الاقتصادات المتوسطة الحجم في أوروبا وغيرها. بالطبع ان ما حصل ألحق خسائر كبيرة بالمستثمرين في العالم بأسره، نتيجة تدهور البورصات ونتيجة التغييرات الحادة في أسعار الأوراق المالية وفي أداء الشركات، مما دفع ببعض السلع الإستراتيجية كالذهب مثلا إلى الارتفاع إلى مستويات تاريخية أثرت على مصداقية النقود الورقية في العالم بأجمعه.

بالنسبة الى لبنان، ألحقت الأحداث المالية المذكورة قلقاً بالمستثمرين اللبنانيين كما بغيرهم من المستثمرين، لأن قسماً كبيراً منهم له مصالح في الأسواق الدولية. بالنسبة إلى القطاع المصرفي لم يكن هناك انعكاس جوهري على المناخ المصرفي الايجابي السائد في لبنان، نتيجة النجاح الذي حققه القطاع المصرفي اللبناني منذ سنوات في مقاربة المخاطر الداخلية والخارجية وفي الحفاظ على استقراره وسلامته، وهذا يحصل اليوم في ظل الأزمة الأخيرة التي نتجت عن موضوع الديون الأميركية كما حصل في السابق واستطاع القطاع المصرفي اللبناني أن يخرج سليماً من الأزمة العالمة السابقة التي ضربت الأسواق الأخرى، والتي شكلت دافعاً للمستثمرين، وخاصة اللبنانيين، ليفضلوا سوق بيروت المصرفية على أية سوق أخرى بعدما ثبت حسن أدائها واستقرارها وبعدها عن المضاربات وحسن أدائها نتيجة نشاطها الفعلي في الاقتصاد الحقيقي وليس في اقتصاد المضاربات.

إنعكاسات التطورات في المنطقة على المصارف

* ما مدى انعكاس الوقائع المستجدة في المنطقة امنياً وسياسياً على القطاع المصرفي، ان لجهة الودائع والأرباح، أو لجهة حركة التسليفات؟

ليس من شك بأن هناك تأثيرات للمناخات السياسية والأمنية السائدة في منطقتنا خلال الأشهر الأخيرة على مختلف وجوه الحياة الاقتصادية والسياسية وأحياناً الشخصية لأن ما يحصل كبير، اذ نعيش عصر التغييرات العميقة التي لا يبدو ان لها ضوابط، برغم انها تعبر في وجوه كثيرة عن كبت سابق انفجر اليوم بطريقة أو بأخرى. بالتالي، ان هذه الأحداث تترك بصماتها على الحياة الاقتصادية في المنطقة كلها، كما تترك تأثيراتها على الحياة السياسية وعلى الحياة الوطنية، حيث نشهد منذ مدة وجود ملف الشرق الأوسط ودول المنطقة أحياناً على طاولة مجلس الأمن الدولي وأحياناً أخرى على طاولة الاتحاد الأوروبي، وأحياناً في الزيارات السياسية التي يقوم بها بعض القوى الإقليمية بحيث نشهد خطاباً جديداً في العلاقات في المنطقة، حيث ترتفع أصوات ثم تعود لتنخفض، مما يخلق شعوراً بأن هناك أحداثاً ولاعبين وراء هذه الأحداث ضالعين في تغيير السياسة والاقتصاد في بلدان المنطقة. وبالنسبة إلى لبنان الذي حافظ حتى اليوم على استقرار مقبول في ظل الاختلالات في دول الجوار، نأمل ان تتابع السلطات المسؤولة والقوى السياسية نهج تثبيت مناخ الهدوء، ذلك ان له تأثيرات ايجابية على معيشة الناس وعلى الاقتصاد، بحيث يساعد على ان تنصرف السلطات المسؤولة على معالجة المواضيع الملحة، المعيشية بخاصة، التي يئن تحتها فريق كبير من اللبنانيين نتيجة الغلاء وانقطاع وتعثر بعض الخدمات الرئيسية كالكهرباء ومياه الشفة والازدحام على الطرق نتيجة عدم تحديث البنية التحتية، والتأخر في مواكبة النمو الذي شاهدناه خلال السنوات الأخيرة والذي نأمل استعادته في النصف الثاني من هذا العام. 

نمو المصارف

* ما تقديراتكم بالنسبة لنمو القطاع المصرفي في 2011 مقارنة بـ2010؟   

طبعاً تحت لا نترقب نمواً هذا العام بالوتيرة نفسها لأعوام الفائتة، إذ سجلت بعض هذه السنوات نمواً استثنائياً لافتا جذب الأنظار إلى لبنان لمعرفة كيفية تحقيقه وأسباب تحقيقه. نعتبر أن النمو الذي سيشهده القطاع المصرفي هذا العام نمواً عادياً ومقبولاً. إذ ان ترقبات ازدياد الودائع ستكون بحدود 7 أو 8 في المئة بنهاية العام. وهي معدلات مقبولة لا بل تعتبر جيدة مقارنة بما يحصل في المصارف العالمية حيث لا تزال ترددات الأزمة السابقة مستمرة. كما تبدو حتى الآن أن المعالجات التي أجراها أصحاب القرار على الصعيد الدولي غير مكتملة النجاح حتى الآن. مما يجعل الترقب على الصعيد الخارجي سيد الساحة. بالنسبة لمصارفنا نعتبر أن تحقيق النمو المرتقب وان كان أقل من السنوات السابقة يعبر عن استقرار في أداء القطاع المصرفي وعن استقرار في ربحيته، مصحوب ببعض الانعكاسات للأزمة في أسواق المنطقة التي تحصل فيها اضطرابات سياسية، اذ سينعكس هذا الاضطراب السياسي على أداء الاقتصادات مما يخفف بالفعل من النجاحات التي حققتها المصارف اللبنانية في الخارج في السنوات السابقة. لكن اختبارات الضغط التي أجرتها السلطات الرقابية في لبنان على فروع المصارف اللبنانية العاملة في الخارج، أعطت اطمئنانا أن رساميل تلك الفروع كافية لاستيعاب الصدمات التي قد تنتج عن التمادي في الاضطرابات في الأسواق المذكورة. مع العلم أن حجم المصارف اللبنانية في تلك الأسواق لا تزال ضمن إطار السيطرة والتحكم.


تنصيف موديز والمصارف الكبرى

* هل سيترك تصنيف "موديز" حول بعض المصارف اللبنانية الكبرى أي أثر على القطاع المصرفي اللبناني؟       

كل تصنيف من المؤسسات الدولية له تأثير على القطاع المصرفي المعني. وهو ما حدث في الولايات المتحدة بعد تخفيض التصنيف الائتماني للدين الأميركي، ما جعل المسؤولين في الولايات المتحدة ينازعون في تخفيض التصنيف الذي شكل صدمة للاعبين السياسيين. ما يعني أن التصنيف التي تجريه المؤسسات الدولية له تأثير على الجو النفسي وله تأثير أيضاً على كلفة الاستدانة في المستقبل. ما حصل في لبنان بعد خفض شركات التصنيف توقعاتها لبعض المصارف اللبنانية العاملة في الخارج، أتت نتائج الإصدار الذي أجرته وزارة المال اللبنانية بالنسبة لسوق بيروت معاكساً تماماً للاتجاه التشاؤمي الذي أجرته مؤسسات التصنيف بالنسبة لوضع المصارف اللبنانية المعنية. إذ استطاعت دولة لبنان بالرغم من كل الظروف المعروفة التي تواجه الحكومة، استطاعت الدولة اللبنانية أن تحقق اكتتابات بالسندات الدولية بالدولار الأميركي بأسعار قياسية بالنسبة لانخفاضها وبإقبال شديد فاق كل التوقعات الايجابية. مما يعني أن المستثمرين في لبنان والمستثمرين في الأوراق اللبنانية لم يأخذوا بالتوجهات التي ألحقتها مؤسسات التصنيف الدولية ببعض المصارف في لبنان واعتبروا أن ترددات هذا التغيير في التصنيف هي ترددات لا تؤشر إلى أداء هذه المصارف ولا على ملاءتها ولا على ملاءة لبنان.

استقرار الليرة


* هل هناك تخوف على سعر صرف الليرة؟   
الليرة ستبقى في منظارنا مستقرة بالنسبة لسعر صرف الدولار، هناك رابط نظري بينها وبين الدولار، وقد تقلب الدولار في السنوات الأخيرة بصورة مختلفة، صعوداً ونزولاً، والليرة استمرت قياساً بالدولار بالقيمة ذاتها. ونحن نعتبر أن التجديد لحاكم مصرف لبنان الذي قاد سياسة الاستقرار النقدي في السنوات الأخيرة كان ايجابياً، وعلى الحاكم أن يتابع هذه السياسة ويستمر بها كونها أعطت استقراراًَ للمستثمرين والاقتصاد اللبناني، وان أداءه السابق يشكل ضمانة على استمرار هذا الأداء في الحاضر وفي المستقبل.               


تُهَم تبييض الأموال

* كيف تنظر إلى اتهام لبنان بأنه واحة لتبييض الأموال في الشرق الأوسط، بعد قضية البنك اللبناني الكندي؟ 
هذا التجني صدر عن مؤسسة اعلامية هامة في الخارج ونحن عالجناه لأن هذا الاعلان كان مغرضاً وليس صحيحاً واضطرت الجريدة المذكورة ان تنشر ردنا حيث توجته بعنوان من عندها يرد بنفسه على ما ورد في المقال السابق، اذ قالت "ان لبنان يتميز بانضباط كامل لمصارفه بالنسبة لموضوع تبييض الاموال"، لأن الرد الذي قمنا به كجمعية مصارف الذي كان معززاً بتصريح رسمي من وزارة الخزانة الأميركية

* كيف تقيم أداء بنك الاعتماد اللبناني إن لجهة النتائج المترتبة على سياساته التوسعية أو لجهة التنويع في خدماته؟

هذه السنة لدينا معدلات نمو جيدة. فحتى نهاية شهر تموز كان معدل ارتفاع الودائع بنسبة 8 في المئة، ونسبة نمو محفظة التسليفات 12 في المئة بالنسبة للأشهر السبعة الأولى من السنة. وبالتالي نتوقع نمواً بمعدل 13 في المئة حتى نهاية العام بالنسبة للودائع، ونموا بحدود 22 في المئة بالنسبة للتسليفات. وثمة أيضاً استقرار في الأرباح. علماً انه إذا أخذنا العام 2010 المصرف حقق نتائج مميزة واستثنائية نتيجة حسن الأداء وأيضاً نتيجة حصول بعض الأرباح الاستثنائية نتيجة تصفية بعض الأصول المأخوذة استيفاء لدين. نحن نعتبر أن المناخ الاقتصادي للبنان يسمح باستمرار النمو كما أن للمصرف أيضاً توجهاته الإقليمية والخارجية. نحن بدأنا انتشاراً في إفريقيا الغربية (السنغال) وسنتابع هذا الانتشار نحو مزيد من التوسع نحو شاطئ العاج ومالي وموريتانيا ودول غرب إفريقيا، بفضل حصولنا على ترخيص يغطي 8 دول افريقية.

Cookie Policy

We use cookies to store information about how you use our website and show you more things we think you’ll like. Also we use non-essential cookies to help us improve our digital services. Any data collected is anonymised. By continuing to use this site, you agree to our use of cookies. If you'd like to learn more, please head to our cookie policy. page.
Accept and Close