10 July 2019 | Country: Beirut,Lebanon

كلمة الدكتور جوزف طربيه خلال الحفل التكريمي الذي أقامته له الهيئات الاقتصادية برعاية وحضور رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري. 10 تموز 2019

 كلمة الدكتور جوزف طربيه خلال الحفل التكريمي الذي أقامته له الهيئات الاقتصادية برعاية وحضور رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري. 10 تموز 2019

كلمة

الدكتور جوزف طربيه
رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب

الاربعاء 10 تموز 2019

دولة رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد الحريري،
معالي الوزير الاستاذ محمد شقير، رئيس الهيئات الاقتصادية،
اخواني رؤساء الهيئات الاقتصادية،
ايها الحضور الكريم،

يسعدني ان اكون بينكم اليوم مكرماً بدعوة كريمة من معالي الصديق الوزير محمد شقير، رئيس الهيئات الاقتصادية، وبرعاية سامية من دولة الرئيس سعد الحريري، فلهما امتناني وتقديري، واسمحوا لي ان ابدي باسمي وباسمكم جميعاً شكرنا لما يقومان به من تحمل مسؤولية لم يعد فيها الا مرارات يومية، وسير دائم على حبال مشدودة. ان الهيئات الاقتصادية كانت ولا تزال ام الصبي بالنسبة للاقتصاد اللبناني، اذ شكلت دائماً المرفأ الآمن الذي تهرع اليه القطاعات الاقتصادية، في اوقات الشدائد. وكم تمنيت لو ان المجتمع السياسي تسود فيه نفس مشاعر التعاون والرغبة في الحوار وابتداع الحلول. انني عندما اتكلم عن الهيئات الاقتصادية، اقول كلمة العارف. فانا قد اكون اقدمكم عهداً بهذا التجمع الذي واكبته منذ اكثر من ربع قرن من الزمن، بفعل تعدد الولايات التي رئست فيها جمعية مصارف لبنان. واني اتطلع بفرح كبير اليوم عندما انظر حوالي الى الهيئات، وارى الوجوه الشابة التي تتسلم المشعل على رأس الاقتصاد اللبناني وتجمعاته المهنية. هذه الوجوه لن يصيبها الاحباط على الرغم من مجريات الاحداث الجارية. ان رجال الاقتصاد هم القوى الحية الفعلية في هذا المجتمع، وبفضل عزيمتهم وايمانهم لن يسقط الاقتصاد اللبناني، على الرغم من التوترات السياسية المتلاحقة وانعكاساتها السلبية على الحياة الاقتصادية. اننا نتطلع دائماً ان تتغلب الرغبة الساحقة للبنانيين باستمرار السلم الاهلي والاستقرار السياسي. ان رهاننا هو الدولة، وانتم، يا دولة الرئيس، خير من يمثل تطلعاتنا، ونأمل نجاحكم ونجاح العهد في العبور بالسفينة الى شاطىء الامان.

ايها الحضور الكريم،
لا بد لي، في هذه العجالة، من كلمة حول القطاع المصرفي في لبنان، الذي تسلّم قيادة جمعيته الاسبوع الماضي مصرفي عريق، زميل لنا نقدره، ويؤازره مجلس ادارة متمرس، نجح في الحفاظ على القطاع المصرفي بالرغم من اسوأ الظروف، اخطرها التعاطي مع مسلسل العقوبات الذي يهدد المصارف في العالم كله، وتتقاطع خطوطه الكبرى فوق رأس مصارف لبنان، بفعل وقوع المصارف اللبنانية في الساحة الرئيسية للحرب الجيوسياسية القائمة في المنطقة، والتي تحت عنوان مكافحة تبييض الاموال، تهدد كل الكيانات المصرفية القائمة.
لقد نجحت جمعية مصارف لبنان، وبجهد مستمر طيلة السنوات الاخيرة، في ردّ اخطار العقوبات من خلال تطبيق افضل قواعد الامتثال في العالم، وفتح علاقات مباشرة مع اهم مراكز القرار السياسي والمالي في الولايات المتحدة الاميركية واوروبا.
وتبدو اليوم واضحة دقة هذا الموضوع في ظل لائحة العقوبات الجديدة، مما يتطلب متابعة مستمرة من جمعية المصارف لهذه القضية البالغة الحساسية.
اما التحدي الآخر التي تواجهه مصارف لبنان فهو الازدواج الضريبي الذي فرضته الدولة لتمويل سلسلة الرتب والرواتب عام 2017، والذي ادى عملياً الى معدلات ضريبة دخل على المصارف تجاوزت الخمسين بالماية سنوياً، وهو اجراء لن نتوقف عن المطالبة بالغائه لضرره الفادح على كلفة تمويل الاقتصاد اللبناني ونموه.
انه مما لا شك فيه ان المالية العامة في لبنان، هي في ازمة، واصبح من نافل القول ان لبنان بحاجة اليوم الى تصحيح مالي واصلاحات هيكلية كبيرة لاحتواء العجز المالي ووقف تصاعد المديونية العامة واستعادة النمو. ولايمكن ان يتحقق ذلك الا من خلال اعادة هيكلة القطاع العام ومكافحة الفساد وتحسين الجباية واصلاح الكهرباء، واعطاء الحوافز لعودة الاقتصاد اللبناني الى النمو والازدهار.
ان القطاع المصرفي اللبناني يراهن في النهاية على نجاح الدولة بتنفيذ خطة التصحيح المطلوبة لانها لم تعد خياراً بل اصبحت قدراً لا مفر منه.
و اننا نشاطر المؤسسات الدولية من مصارف عالمية ومؤسسات تصنيف الى صندوق النقد الدولي في توصيف دقة الوضع ووجوب المعالجة السريعة اذ ان الوقت اصبح جوهر المسألة.
ولكننا لا نشاطر مطلقاً الاستنتاجات الكارثية لبعضها، فالدولة اللبنانية ليست مهددة ابداً بالتوقف عن الدفع، والدين السيادي اللبناني مؤمّن دفعه في آجاله المحددة، والمصارف اللبنانية ومصرف لبنان الذين يحملان القسم الاكبر من الدين السيادي، قادرين على التعامل مع الموضوع بمرونة ضمن قواعد السوق وتجنيب البلاد شبح عدم السداد.
نحن على هذا العهد باقون ليبقى لبنان. ولكن لا يمكن ان يغني ذلك عن تنفيذ الاجراءات السريعة التي طلبها صندوق النقد الدولي في تقريره الاخير بما فيه الزيادات الضريبية ذات المردود السريع.
ولا بد من اتخاذ التدابير المطلوبة، اذ ان أثرها السلبي على الناس حالياً لا يمكن ان يقارن بالآثار السلبية المرتقبة في حال استمرار الوضع الحالي امام الافق المسدود.
لقد اعلنت الهيئات الاقتصادية تكراراً ان ساعة الحقيقة دقت والاستمرار في اعتماد سياسة تسجيل النقاط والمزايدات الشعبوية سترفع من المخاطر وتزيد الكلفة على البلد والناس.
واني اسجل اعتزازي بمواقف الهيئات الاقتصادية المتلاحقة برئاسة رئيسها معالي الوزير محمد شقير، من خلال رفع الصوت في مجلس الوزراء، وفي الاروقة الحكومية وفي البرلمان وفي الاعلام، للمطالبة ببذل جهود عملية لاعتماد الاصلاحات المرجوة. فالاصلاحات هي ممر الزامي لعودة النمو الى الاقتصاد اللبناني.

دولة الرئيس،
لقد دعمنا ولانزال، من خلال رئاستنا للاتحاد الدولي للمصرفيين العرب، ورئاستنا للهيئة التنفيذية في اتحاد المصارف العربية، وهما المنظمتان الاقليميتان اللتان تضمان كل المصارف العربية، ومعظم قياداتها، واللتان تتخذان من العاصمة اللبنانية بيروت كمقر رسمي لهما، دعمنا كل الخطوات الايجابية للحكومة اللبنانية وعقدنا في لبنان، وبرعايتكم، معظم المؤتمرات العربية التي تتناول موضوع الاصلاحات الاقتصادية والحوكمة في العالم العربي ولبنان، واشركنا معظم المسؤولين الاقتصاديين والماليين اللبنانيين في هذه المنتديات من اجل الحث على القيام بخطوات عملية في الاتجاه الصحيح، كما اتحنا الفرصة للمسؤولين اللبنانيين، من خلال مؤتمراتنا، لاعطاء التطمينات و تعزيز سمعة النظام المالي اللبناني، من اجل ابقاء الثقة به وتعزيز استمرارية التعامل معه وقد نجحنا بصورة نسبية على الرغم من الاخطار الخارجية وعدم الاستقرار الداخلي في لبنان.
وفي الختام، اكرر شكري لكم جميعاً على الحضور، مع اسمى آيات التقدير لصاحب الرعاية دولة الرئيس الشيخ سعد الحريري، ومعالي الاخ محمد شقير رئيس الهيئات الاقتصادية لمبادرته الطيبة.

اشكر اصغاءكم.

Cookie Policy

We use cookies to store information about how you use our website and show you more things we think you’ll like. Also we use non-essential cookies to help us improve our digital services. Any data collected is anonymised. By continuing to use this site, you agree to our use of cookies. If you'd like to learn more, please head to our cookie policy. page.
Accept and Close