Source: World Union of Arab Bankers | 22 November 2023

كلمــــة الدكتور جوزف طربيه فــي حفل الإفتتاح ملتقى "آفاق ومستقبل التدقيق الداخلي في القطاع المصرفي

كلمــــة

الدكتور جوزف طربيه

رئيس مجلس الإدارة

الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب

 

فــي

حفل الإفتتاح

 ملتقى "آفاق ومستقبل التدقيق الداخلي في القطاع المصرفي"

 

22-23 نوفمبر 2023

القاهرة – جمهورية مصر العربية

فندق كونراد القاهرة

____________

 

أيها الحضور الكريم،،،
أسعد الله صباحكم بكل خير،،،


يُسعدني أن أرحّب بكم جميعاً في جمهورية مصر العربية، وفي عاصمتها العريقة الصامدة في وجه الأزمات والتحديات، والحريصة كل الحرص على لعب دورها التاريخي الرائد في لم الشمل وتعزيز مسيرة العمل العربي المشترك، وها هي اليوم، على الرغم من مأساة غزة والظروف الدولية والإقليمية الصعبة، تستضيف هذا الملتقى الهام، الذي ينظمه الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب، حول آفاق ومستقبل التدقيق الداخلي في القطاع المصرفي. وأنتهز هذه المناسبة لأتقدّم بخالص الشكر والتقدير إلى رئيس وأعضاء إتحاد بنوك مصر على تعاونهم المجدي لعقد هذا الملتقى، والشكر موصول إلى شبكة (PWC) "برايس ووتر هاوس كوبرز"، وهي شبكة خدمات مهنية متعدّدة الجنسيات ومقرها في لندن – لتقديم كل إمكاناتها وخبراتها لإنجاح فعاليات هذا الملتقى. والشكر والتقدير إلى الحضور الكريم على مشاركتهم في أعمال هذا الملتقى الذي نتمنى له النجاح في تحقيق أهدافه.

 

وإسمحوا لي بداية أن أنتهز مناسبة هذا اللقاء الذي يصادف اليوم مع ذكرى إستقلال لبنان في 22 تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام، هذا البلد الحبيب الذي يعاني من أزمات يعيشها اللبنانيون اليوم ولم يشهدوا لها مثيلاً منذ الإستقلال عام 1943، سواء على الصعيد السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي، أو على صعيد هجرة أبنائه إلى الخارج، ونخشى الأسوأ نتيجة الخوف من تفجر الصراعات الاقليمية والدولية في منطقتنا التي لا نعلم آفاقها ولا نتائجها ولا إنعكاساتها على دولنا، وخصوصاً على لبنان الذي نال إستقلاله منذ 80 عاماً وأصبح اليوم في خطر وجودي وعرضة للتفتت نتيجة لتراكم الأزمات السياسية والإقتصادية والإجتماعية فيه، ونحن ندرك أنّ بداية الخروج من هذه الأزمات تبدأ بإستعادة لبنان استقراره السياسي، واستكمال تكوين السلطات الدستورية فيه، بإنتخاب رئيس للجمهورية بعد فراغ آكثر من سنة في سدة الرئاسة ناتج عن الخلافات السياسية.  ويجب أن نذكر أيضاً أخطار الحرب الإسرائيلية التي تستهدف لبنان، وكذلك تدفق ملايين النازحين السوريين اليه نتيجة الحرب المدمرة في سوريا.

 

أيّها الحضور الكريم،،،


إسمحوا لي أيضاً أنّ أنتهز مناسبة هذا اللقاء لإلقاء الضوء على واقع القطاع المصرفي اللبناني، فمنذ إندلاع الأزمة الاقتصادية والمالية والمصرفية في خريف 2019، حيث كان القطاع المصرفي اللبناني قبل هذا التاريخ قطاعاً مستقراً ومتيناً، يلعب دوراً محورياً في تحريك عجلة نمو الاقتصاد الوطني، من خلال مساهمته في نمو الناتج المحلي الإجمالي، ودعم القطاعات الاقتصادية المختلفة، إضافة إلى مساهمته في إدخال التقنيات المصرفية الحديثة وتنمية الموارد البشرية وتدريبها، وجذب جزء كبير من الأموال المدخّرة  خارج القطاع المصرفي، لكي تدخل إلى الدورة الاقتصادية، وتساهم في عجلة التنمية الاقتصادية عبر تمويل وتنفيذ مشاريع التنمية الصناعية والزراعية من خلال تأمين القروض اللازمة، سواء قصيرة الأجل أو طويلة الأجل لإستثمارها في القطاعات الاقتصادية.


واليوم، لا يزال لبنان يواجه أزمة إقتصادية ومالية ونقدية غير مسبوقة منذ نهاية عام 2019، حيث أدّت تلك الأزمة مترافقة مع إنتشار جائحة كورونا، وإنفجار مرفأ بيروت عام 2020، إلى إنكماش حاد في الاقتصاد اللبناني، حيث إنخفض الناتج الوطني من نحو 54.9 مليار دولار بنهاية عام 2018 إلى 21.8 مليار دولار بنهاية عام 2022.


أما على صعيد القطاع المصرفي اللبناني الذي يعاني من ذيول توقف دولة لبنان عن تسديد ديونها السيادية، وانكشاف القطاع المصرفي على هذه الديون، فلم تنجح المعالجات التي طرحها صندوق النقد الدولي، إذ وقّعت الحكومة اللبنانية إتفاقاً على مستوى الموظفين مع الصندوق، إلاّ أنّ هذا الاتفاق لم يقترن بالتنفيذ إلا بصورة محدودة، وهو قد طلب الغاء السرية المصرفية، وطلب تشريع قانون الكابيتال كونترول، وتوحيد سعر الصرف، وضبط عجز الموازنة العامة وشطب الودائع وإعادة هيكلة المصارف وتصفير رساميلها، وهذه الخطة التي يتطلب إعتمادها صدور قوانين بها، لم يوافق المجلس النيابي اللبناني على القبول بمعظم مندرجاتها. 
وفي هذا المجال، سارع إتحاد المصارف العربية إلى عقد مؤتمر في بيروت عرض خلاله خطة بديلة، تضمّنت النقاط التالية:


•       حماية الودائع.
•       تحرير سعر الصرف.
•       الإصلاح المالي.
•       إصلاح المصارف.
•       خصخصة المؤسسات العامة وتحسين حوكمة القطاع العام.

 

كما استعرض إتحاد المصارف العربية  في مؤتمر بيروت، تجارب دول عربية آخرى تربطها اتفاقات مع صندوق النقد الدولي، مفنداً شؤون وشجون هذه الاتفاقات، ونتائجها على صعيد البلدان المعنية، وقد لاقى هذا الموضوع اهتماماً كبيراً على الصعيد اللبناني والعربي والدولي كذلك، وترك تأثيراً، خاصة على مستوى أصحاب القرار في لبنان، لتصحيح بعض الانحرافات التي فرضها الصندوق، وخاصة على صعيد شطب الودائع.

أيّها الحضور الكريم،،،


يعقد الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب اليوم هذا المنتدى الهام، في ظلّ تزايد الاخطار الاقتصادية على معظم بلداننا العربية، وخفض التصنيف الائتماني الذي يلحق مصارف عربية كبرى، وتقديراً لأهمية وظيفة التدقيق الداخلي في المصارف، وفي ظلّ تعقّد وتشعّب العمليات المصرفية والمالية، وتزايد مخاطر الجرائم المالية، وبينها عمليات غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ومع تزايد مخاطر الأمن السيبراني في المصارف، مما يستدعي زيادة الاهتمام بدور التدقيق الداخلي لمساعدة المصارف على تحقيق أهدافها عبر تعزيز عمليات تقييم وتحسين أنظمة وعمليات إدارة المخاطر والرقابة والحوكمة والإمتثال.


ففي عالم المال والأعمال الحديث وديناميكيته، وتحفزه الدائم للتغيير والتطوير، يقف قطاعنا المصرفي العربي عند مفترق طرق بين التقليد والإبتكار، وهنا تكمن أهمية هذا الملتقى، ليشكّل خارطة طريق للمختصين في هذا المجال، حيث تشهد ممارسات التدقيق الداخلي تحوّلاً جوهرياً، حيث كانت تقتصر في الماضي على كشف المخالفات والتحقيق فيها، أما اليوم فقد تحوّلت عملية التدقيق إلى نشاط مستقل وإستشاري، يهدف إلى تعزيز الكفاءة التشغيلية، من خلال نهج منظّم يركّز على إدارة المخاطر والحوكمة، مما يعكس تحوّلاً في طبيعة هذا النشاط والغايات التي يسعى إلى تحقيقها. ونحن في الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب، ندرك تماماً أهميّة نشاط التدقيق الداخلي في ظلّ المتغيّرات الاقتصادية والتكنولوجية المتسارعة في البيئة المصرفية، وإزدياد الإعتماد عليه من قبل مجالس إدارة المؤسسات والأجهزة الرقابية والبنوك المركزية لتعزيز السلامة الشاملة في مؤسساتها، لذلك نركّز في هذا الملتقى، كما في ملتقياتنا السابقة على تطوير الممارسات المهنية المتعلّقة بإدارة المخاطر والحوكمة من خلال نهج منظّم، والإضاءة على التطوّرات التكنولوجية بهدف تعزيز الفهم المتقدّم للأساليب الحديثة المتعلقة بالتدقيق الداخلي والرقابة الداخلية، والتأكيد على دورهما في الحفاظ على الشفافية والإمتثال للقوانين والمعايير الدولية.

وكما تعلمون، فإنّ نشاطات التدقيق الداخلي تتضمّن فحص وتقييم مفاعيل إطار الضبط الداخلي للمصرف ككل، بما في ذلك المسؤولية والمساءلة ضمن المصرف، والعمليات الملائمة لمتابعة نتائج أعمال التدقيق وتوصياتها، حيث يتوجب على وظيفة التدقيق أن تقيّم كفاءة وفاعلية ونزاهة العمليات، وموثوقية وفاعلية نظم إدارة المعلومات، والإشراف على الإمتثال للقوانين والأنظمة والقواعد الدولية والمحلية، بما في ذلك متطلبات الجهات الرقابية والإشرافية الدولية والمحلية ومساعدة الإدارة العليا ومجلس الإدارة على حماية مؤسستهم وسمعتها، والحفاظ على العلاقات مع المصارف المراسلة والجهات الرقابية التي تشرف عليها وتعززها.


لذلك يأتي مؤتمرنا اليوم حول موضوع "آفاق ومستقبل التدقيق الداخلي في القطاع المصرفي" وتبادل التجارب وطرح حلول للتحديات التي تواجهنا جميعاً، تأكيداً  على التزامنا المستمر بأطر الامتثال وقواعده، وتفادياً للاخطار والاضرار التي تنعكس على نشاطات المصارف في كافة انحاء العالم .


وفي النهاية، آمل أن تُفضي اجتماعاتنا الى توصيات ومقترحات من شأنها تطوير وظيفة التدقيق الداخلي ضمن المؤسسات المصرفية والعمل على تحديث دليل التقييم الإشرافي لهذه الوظيفة، وكذلك دعم  الحوار المصرفي في عالمنا المتشابك، الذي نحن مؤتمنون على تسليمه الى الاجيال القادمة.  اننا نعتبر انه من واجبنا، لا بل من مصلحتنا، ان نوطد شراكتنا ونوحّد رؤيتنا بهدف حماية اقتصاداتنا ومؤسساتنا عن طريق تعزيز الشفافية، والمساءلة والتنظيم السليم، وتعزيز النزاهة في الاسواق المالية، وتعزيز التعاون الدولي، وهذه عناصر لتطوير الصناعة المصرفية اليوم، واستخلاص التوصيات لمستقبل افضل للصناعة المصرفية. 

وشكراً لأصغائكم،،،،

Cookie Policy

We use cookies to store information about how you use our website and show you more things we think you’ll like. Also we use non-essential cookies to help us improve our digital services. Any data collected is anonymised. By continuing to use this site, you agree to our use of cookies. If you'd like to learn more, please head to our cookie policy. page.
Accept and Close